صليت مرة إماما لصلاة الفجر في المسجد الذي كنت إماما فيه قبل سنين، فقرأت فيها سورة المزمل وختمتها، فلما انصرفت من الصلاة وانصرف الناس قال لي بعض من صلى خلفي من شيخ مسنّ:
أخطأت في القراءة!
فقلت له: كيف؟
قال: قرأت: ((إن الله غفور رحيم)) برَفع ((غفور)) – أي: بالضمة على الراء – والصحيح أنه بالجر، أي: بالكسر.
فقلت له: فلنتحقق منه؛ لنرى أينا على الخطأ؟
ففتحت المصحف الذي كان جنبي، فأريته أنه بالرفع، فقال:
هو بالجر في مصحفي!
فدهشت من سرعة إنكاره وعدم إدراكه أن هذا يفضي إلى التشكيك في كون القرآن الكريم محفوظا من الله، ولكن لم أُحِر جوابا.
وكان من حسن الحظ أن ولده الشاب كان جالسا خلفه يراقب ما يجري بيننا، فلما رأى ما فعله أبوه تعجب منه وقال له:
بل الصحيح ما قرأه الإمام.
فسكت أبوه الطاعن في السن.
فتعجبت أكثر؛ لأنه ظن ولده الذي لم يتلق العلوم الشرعية أكثر إقناعا من الإمام العالم بالشريعة.