الشیخ العارف بالله الإمام أکبر علي قدس الله سره
فقد العالم الإسلامي في بنغلادیش عَلَما من أعلام العلم والدین والدعوة والفکر الإسلامي منتصف لیل الثامنة من شهر نوفمبر من 2005 م. وھو الشخصیة الإسلامیة الذي ملأ بنغلادیش علما وفضلا. ونشر الإسلام في مدیریة سلھت.
کان الشیخ صاحب عجائب وبدائع وغرائب. وکان رحمه الله مقبول الصورة، خفيف الروع، حسن المعشرة، ناصع الظرف، عظیم الخلق، شریف النسب، کریم العھد، خالص الود، حلو الصداقة، مر العداوة، وکان من خیار السادة المتدینین في بلادنا.
ومن مآثره أنه قام بمنصب الإمامة في مسجد بجوار مرقد الشیخ شاه جلال رحمه الله بمدینة سلھت إلی مدة ثمانیة وخمسین عاما من غیر انقطاع. فکان الناس یحبونه ویراجعونه في أمور الدین.
مولده ونشأته:
ولد في قریة ماتیجروا التابعة لمخفر شرطة بیاني بازار بمدینة سلھت عام ۱۹۱۶م في بیت عریق في التقوى. وکان والده عباس علي شخصا متعبدا ومحترما في قریته. وتوفیت والدته وھو ابن ستة أشھر. وبعد وفاة والدته تربي تحت إشراف والده المؤقر وخاله المحترم منتاج علي.
طلبه للعلم:
بدأ تعلیمه منذ طفولته حين کان عمره خمسة أعوام أو ستة. التحق بمدرسة ماتیوورا ودرس ثَمَّ سنتین. ثم التحق بمدرسة بھادربور ودرس ثَمَّ أربعة أعوام. وبعد ذلك انتقل إلى مدینة سلھت لطلب العلم عام۱۹۳۱م والتحق بالجامعة الحكومية بسلھت. ودرس هناك سبعة أعوام من غیر انقطاع دراسة حسنة. وبعد تلقي علم القراءة على القاري عرفان علي لشھرین التحق بالمدرسة العزیزیة بولایة بھار لستة أشھر. وفي أوان الدراسة حفظ القرآن الكريم نظما نظما حتی أتم حفظه.
الرحلة إلی دار العلوم بدیوبند:
بعد إتمام الدراسة من المدرسة الحكومية بسلھت سافر على إشارة شیخه سھول العثماني وإعانته إلى دار العلوم بدیوبند، ودرس علی علمائھا شتى العلوم والفنون. فدرس علم الحدیث على شیخ الأدب والفقه إعزاز علي رحمه الله والمفتی الأعظم محمد شفیع رحمه الله، ودرس علم التفسیر علی العلامة إدریس کاندهلوي.
حياته العملية:
بعد تلقي العلم من دار العلوم بدیوبند رجع إلی منبت شعبته، وتم زواجه ببنت منبر علی وھو جار منتاج علي علی الصداق الفاطمي. ثم قام بالتدریس في مدرسة أسیرخال. ثم جاء به شیخه سھول العثمانی إلی سلھت ليدرس في المدرسة العالية الحكومية. ثم إماما في المسجد الجامع بدرغاه عام 1947م واستمر علی ھذا المنصب لمدة 58 عاما بدون انقطاع.
تأسیس جامعة قاسم العلوم:
بینما كان إماما في جامع درغاه أنشأ جامعة قاسم العلوم بجوار مرقد الشیخ شاه جلال رحمه الله. فأسسها علی مبدأ التوسط والاعتدال، والجمع بین القدیم الصالح والجدید النافع، وبین الدین الخالد الذی لا یتغیر وبین طوائف أھل السنة التي لا تختلف في العقیدة والمنصوص. فقامت الجامعة من أول یومھا علی الإیمان بالله ورسوله وجهاد في سبيله.
البيعة لتزكية النفس:
بایع شیخه سھول العثمانی على تزكية النفس. فلما توفي شيخه بایع خلیفة حکیم الأمة القاری محمد طیب رحمه الله وبعد مدة قليلة أجازه شيخه.
تلاميذه النجباء:
تتلمذ علیه عدد كبير من علماء عصرنا، فمنهم:
سماحة الشیخ عبد الحنان رحمه الله، مدیر جامعة قاسم العلوم بدرغاه سابقا
سعادة الشیخ المفتي المحدث أبو الکلام زکریا رحمه الله، مدیر جامعة قاسم العلوم بدرغاه سابقا
الشیخ شفیق الحق حبیب بوری رحمه الله، مساعد أمین التعلیم بجامعة قاسم العلوم سابقا
المحدث الكبير العلامة محمود حسین حفظه الله ورعاه ، شیخ الحدیث بالجامعة الإسلامیة ببرمنغهام، بریطانیا
الفقيه المحدث الشيخ عطاء الرحمن السلهتي حفظه الله ورعاه، رئيس قسم علوم الحديث بجامعة قاسم العلوم
وغیرھم من العلماء الجھابذة الذین یخدمون الدین والعلم في جميع أنحاء العالم
مجازوه في التصوف:
وممن تلقى الإجازة منه في التصوف:
الشیخ عبد الحنان رحمه الله
الشیخ خلیل الرحمٰن رحمه الله، خطيب جامع شاه فران، أستاذ الحديث والأدب العربي بجامع قاسم العلوم سابقا
الشیخ عبد النور حفظه الله أستاذ الحدیث بجامعة قاسم العلوم درغاه سلھت.
الوفاة:
الموت خطب قد عظم حتی ھان، ومرقد خشن حتی لان، والدینا قد تنکرت حتی صار الموت أخف خطوبھا، وجنت حتی صار أصفر ذنوبھا، فلتنظر یمنة ھل تری إلا محنة، ثم یسرة ھل تری إلا حسرة.
فقد صح من قال غیر انتحال:
ولقد حرصت بأن أدافع عنھم :: وإذ المنیة أقبلت لا تدفع
وإذا المنیة أنشبت أظفارھا :: ألفیت کل تمیمة لا تنفع
استأثرت رحمة الله تعالی بالشیخ أکبر علي في عمر یناھز ۸۹عاما منتصف لیل ۸ من شھر نوفمبر عام 2005 م بمستشفی «فيجی» بعاصمة داکا بعد أن ألحق به منذ أسبوعین للعلاج. إنا لله وإنا إلیه راجعون!
ثم نقل حثمانه من داکا إلی سلهت. فصلي علیه صلاة الجنازة جمع غفیر من العلماء وعامة الناس لم تشھد مثل ذلك الجمع مدینة سلھت قبل ذلك. وصلی علیه معالي الشیخ عبید الحق جلال أبادی رحمة الله علیه. وشھد جنازته العلامة أنور شاه کشورغنجي طیب الله حیاته، ووزير المالية البنغلاديشي سیف الرحمن وغیرھم.
وبکاه الأفاضل مع الفضائل ورثاه الأکارم مع المکارم علی أنه ما مات من لم یمت ذکره، ولقد خلد من بقي علی الأیام نظمه ونثره.
ودفن بجوار الشیخ جلال رحمه الله وقريبا بالصرح العلمي الکبیر الذي أقامه باسم جامعة قاسم العلوم. ونحن ندعو الله سبحانه وتعالی أن یتغمده بواسع رحمته ومغفرته ویدخله فسیح جناته.
﴿ربنا اغفر لنا ولأخواننا الذین سبقونا بالإیمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذین آمنوا ربنا إنك رؤوف رحیم﴾
كتبه: الشيخ المفتي عبدالله میمون بن شيخ الحديث العلامة محمود حسين السلهتي حين كان طالبا بجامعة قاسم العلوم بجوار مرقد شاه جلال اليمني رحمه الله
تحرير وإضافة: الفقير إلى الله الغني عبد الله فهيم