بقلم:شيخ الحديث العلامة محمود حسين السلهتي، الجامعة الإسلامية، برمنجهام، بريطانيا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله سيدنا ومولانا محمد النبي الأمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد، فإن منطقة سِلْهِت إحدى مناطق بنغلاديش، التي نشأ فيها كثير من العلماء والفضلاء، وعدد كبير من العقلاء والأذكياء، وبرز فيها جم غفير من الكاتبين والباحثين، وجمع عظيم من كبار الدعاة وجهابذة المحدثين.
ومن أشهرهم وأبرزهم، وأجدرهم بالذكر: الشيخ الذكي الجليل، والفاضل العاقل النبيل، صاحب همم عالية، وذو عزائم ماضية، العلامة حسين أحمد الباراكوتي – رحمه الله تعالى – الذي كان مع وفور علمه معروفا بسلامة العقل، واستقامة الفهم، وعلو الهمة، وثقوب الذهن.
فكان كل من يعرفه وصحبه من أقرانه ومعاصريه يشهد بأنه كان موصوفا بهذه الصفات الجليلة والأوصاف الرائعة. ولم يكن من أهل عصره من كان يساويه أو يدانيه في هذه الصفات العالية.
ولادته و أسرته:
ولد – رحمه الله تعالى – في أسرة دينية، محِبة للعلم والعلماء، في قرية “باراكوت” من أشهر قرى غلاب غنج، من مديرية سلهت، بنغلاديش، الخامس عشر من أغسطس عام ١٩٢٧ م – على ما هو مزبور في جواز سفره -.
وكان هو السادس من أربعة بنين وأربع بنات لأبيه عبد الغفور، وأمه فيض النساء، رحمهما الله تعالى.
دراسته وطلبه العلم:
ولما بلغ سن التمييز توجه إلى تحصيل العلم الديني والتحق بمدرسة قريته وتلقى فيها العلوم الابتدائية والمتوسطة، ثم التحق بالمدرسة الحسينية الواقعة ببقعة رانا فنج، إحدى كبرى ومشاهير المعاهد الإسلامية وقتئذ. وتلقى فيها العلوم العالية من التفسير والحديث والفقه أصولها، وتخرج منها عام ١٩٥٢م بدرجة ممتازة.
أساتذته وشيوخه:
أخذ العلوم في المدرستين المذكورتين من أساتذة كبار، وشيوخ أجلاء، أشهرهم الشيخ العلامة رياست علي رحمه الله تعالى، وهو أجلّ شيوخه، وكان من أجلّ تلامذة الإمام أنور شاه الكشميري رحمه الباري، قرأ عليه صحيح البخاري. ومنهم الشيخ طاهر المشهور بـ«طَيْفوري حضور» رحمه الله تعالى، مدير مدرسة رَانَافِنْج إذ ذاك.
توجهه إلى الإحسان والتصوف:
وبعد التخرج من مدرسة رانافنج توجه الشيخ الباراكوتي رحمه الله تعالى إلى الإحسان والسلوك، وكان يتمنى أن يبايع شيخ الإسلام الشيخ حسين أحمد المدني نور الله مرقده، ولتحقيق هذا المرام المبارك كان ارتحل عام ١٩٥٤م إلى كَرِيمْغَنْج ( من بلاد آسام، الهند) حينما كان الشيخ المدني نزل هناك، فتشرف بزيارته وأقر عينيه برؤيته وبايعه، وبعد وفاة الشيخ المدني عام ١٩٥٧م جدَّد البيعةَ على يد الشيخ الحافط عبد الكريم المشهور بشيخ كَوْرِيا رحمه الله تعالى الذي كان من أجلّ أصحاب الشيخ المدني وإمامه في الصلاة – وكفى به فخرا وابتهاجا-، وكان ‘شيخ كوريا’ رحمه الله تعالى وقتئذ مقيما في مدرسة راجاغَنْج، وهي قريبة من مدرسة رانافنج، فكان الشيخ الباراكوتي يحضر مجالسه كثيرا، ويتلقى منه دروس التصوف والتزكية، ويقطع تحت إشرافه وتوجهاته مراحل السلوك إلى أن شيخ كوريا أجازه عام ١٩٦١م بأن يبايع الناس للتزكية والسلوك والإحسان.
وكان هو من أقرب الناس وأحبهم إلى شيخ كوريا، فكان الشيخ يحبه كثير ا، وكان يعتمد عليه جدا في مهمات الأمور، وكان لآرائه أهمية كبيرة لديه.
تدريسه وخدماته العلمية:
وبعد استكمال الدراسة اشتغل الشيخ بالتدريس، فدرَّس أوّلاً في مدرسة رانافنج تحت إشراف أساتذته وشيوخه الكبار ثماني عشرة سنة من عام ١٩٥٢م إلى عام ١٩٧١م كتبا مختلفة بكل جودة وحذاقة، ودقة ومهارة.
ثم انتقل إلى مدرسة دار العلوم بدِيُولْغَرام من حيث هو مدير وشيخ الحديث، فدرّس فيها صحيح البخاري وجامع الترمذي أربع سنين.
ثم درّس صحيح البخاري مع كتب أخرى من كتب الحديث وغيره في عدة جامعات، فدرس في جامعة سَيِّدفُور من سُنَامْغَنْج ثمانية أعوام، وفي جامعة قاسم العلوم الواقعة بجوار مرقد شاه جلال ببلدة سلهت أربعة أعوام، وكان هناك رئيس المدرسين أيضا، ثم في الجامعة الحسينية بدَاكَادَكِّن عدة أعوام، وفي الجامعة الدينية أسعد العلوم برَامْدَا نحو عام واحد، وفي جامعة قاسم العلوم بمِيْوَا أحد عشر عاما من عام ٢٠٠١ م.
نشاطاته في مجال السياسة:
كان الشيخ – رحمه الله تعالى ورفع درجاته في أعلى عليين- مع هذه المسئوليات، نشيطا متحمسا في مجال السياسة الإسلامية، فكان تعلق من أول أمره بالحزب السياسي”جمعية علماء الإسلام” وكان يشارك في كل برامجها واجتماعاتها بكل أهمية ونشاط، وكان يجتهد جهدا بالغا في تحقيق لائحاتها وتنفيذ مشروعاتها، وكان يشجع الآخرين على ذلك، وكان يعده من الجهاد في سبيل الله تعالى.
وكان قائما على مناصبها العالية، المحلية والمركزية.
مساعيه لتطوير الجامعة الإسلامية بباراكوت:
كان الشيخ – مع التدريس في الجامعات المذكورة- مديرا للجامعة الإسلامية الواقعة بمسقط رأسه ‘بَاراكُوت’ ثلاثة وثلاثين عاما من عام ١٩٨٥م، فقام بهذه المسؤولية الهامة أحسن قيام، وبذل مجهوداته ومساعيه في تطوير هذه الجامعة وتحسينها، وبناء دورها ومبانيها، وسافر لتحصيل المساعدات والتبرعات المالية إلى أمريكا وكندا وإلى بريطانيا عدة مرات.
مجهوداته في تطوير إدارة التعليم الدينية الأهلية:
وللشيخ الباراكوتي رحمه الله تعالى خدمات جليلة ومآثر فاخرة، خالدة، غير منسية في تطوير إدارة التعليم الدينية الأهلية وتحسينها، وكان له علاقة عميقة وصِلة قلبية بهذه الإدارة، وكان قائما بمسؤولياتها العديدة طوال أكثر من عشرين عاما. فكان أولا أمينا لقسم الامتحان لها تسعة أعوام من 1987 م إلى ١٩٩٥م، وفي خلال هذه المدة حسّن هذا القسم وجوّد نظام الامتحانات والأسئلة، بمساعدة تلميذه النجيب الأستاذ عبد الغفار الغَاغوي، وكان الشيخ الباراكوتي رحمه الله تعالى اصطفاه مساعدا له في القيام بأمور الامتحان، فساعده على أحسن وجه وأكمله، فلله دره.
ثم انتخب أمينا عاما للإدارة عام ١٩٩٧م، ولم يزل قائما بهذه المسؤولية تسع سنين إلى ٢٠٠٧م، وسعى سعيا مشكورا في تطوير وتنمية أقسامها كلها، ثم انتخب عام ٢٠٠٧م رئيسا للإدارة، ولم يزل ذلك عشر سنوات إلى عام ٢٠١٧م.
وكان زمن أمانته العامة للإدارة عصرا ذهبيا لها، فقد بُنِيَ خلالَ هذه المدة مبنًى رفيع ذو طوابق خمس مسمى “إداره بهوبن” تحت إشرافه بمجهودات أستاذنا المكرم وشيخنا المبجل العلامة محب الحق الغاسباري – حفظه الله ورعاه – المدير وشيخ الحديث بجامعة قاسم العلوم ببلدة سلهت، وكان هو أمينا ومسؤولا عن قسم البناء للإدارة إذ ذاك.
وفي خلال هذه المدة أُلِّفَتْ للإدارة كتبٌ دراسية كثيرة في مواد مختلفة باللغات العربية والأردية والبنغالية والإنجليزية، وهُذِّبَت أيضا كتبها الدراسية القديمة. وكنت أنا حينئذ أمينا على قسم التصنيف والنشر للإدارة، فأتاح الله تعالى لي تحت إشراف الشيخ الباراكوتي رحمه الله تعالى فرصة الخدمة لها فألفتُ وهذَّبت – بحمد الله تعالى وحسن توفيقه- نحو عشرين كتابا بمعاونة أصحابي، وهم: الأستاذ عبد الغفار السَّيْغَري، والأستاذ عبد المالك القاسمي، والأستاذ الحافظ فخر الزمان الذكيغنجي، والأستاذ عبد الأحد المِيَوِي، والأستاذ عبد المولى، حفظهم الله تعالى ورعاهم، وبارك في علومهم وحياتهم.
والأستاذ عبد الأحد الميوي كان مساعدا لي على هذه المسئولية، فأحسن وأجاد.
ومن أهم هذه الكتب وأجدرها بالذكر:
١ – الأدب الراشد: للصف الرابع المتوسط، وهو كتاب رائع في الأدب العربي، حاوٍ على بيان قواعد الإملاء وعلامات الترقيم بأسلوب ناصع، وكان الأستاذ أبو الخير البِتَنْغُولي مشاركا لي في تأليفه وترتيبه.
٢ – الدروس العربية ج ١، ٣ – الدروس العربية ج ٢: أُلِّف هذان الكتابان لطلاب المرحلة الابتدائية لتعليمهم اللغة العربية.
٤ – حُسْنِ تحرير: كتاب رتب لتمرين الطلاب الخطوط العربية والأردية من خط النستعليق، وخط النسخ وخط الرقعة.
٥ – اردو كا ابجد، ٦ – میری كتاب (ج١)،
٧ – میری كتاب (ج ٢)، ٨ – میری كتاب ( ج٣).
ألفت هذه الكتب الأربعة لطلاب الصفوف الابتدائية لتعليمهم اللغة الأردية على أسهل طريق وأيسره، وكان الأستاذ صالح أحمد سالك مشاركا لي في تأليف هذا الأخير، وأما الثلاثة الأوَل فهي من تأليفي وجمعي وحدي، بدون مشاركة غيري. فلله الحمد.
وهذه الكتب من أعظم الموارد المالية للإدارة، فأرجو إلى الله برها وذخرها.
وبعد ارتحالي إلى بريطانيا بتأريخ ١١ سبتمبر عام ٢٠٠١م تولى مسؤولية قسم التصنيف والنشر أخونا الكريم، العالم الجليل، الشيخ المفتي أبو الكلام زكريا رحمه الله تعالى، فألف هو أيضا تحت إشراف الشيخ الباراكوتي عدة كتب أخرى للإدارة بمساعدة صاحبيه الكريمين: الأستاذ عطاء الحق الجَلالْآبادي والأستاذ أبو الخير البِتَنْغُولي- حفظهما الله- فأجاد وأفاد، فجزاه الله تعالى أحسن الجزاء، وجعل آخرته خيرا من الأولى.
مرضه ووفاته:
وفي يونيو عام 2016 م أصيب الشيخ بمرض الشيخوخة، وازداد ذلك شيئا فشيئا، حتى عجز عن السير والمشي وصار ملازما للفراش، ولم يزل كذلك أكثر من سنتين حتى توفاه الله عز وجل، وذلك في ليلة يوم السبت، الثامن والعشرين من ذي القعدة عام ١٤٣٩هج/ الموافق للحادي عشر من أغسطس عام ٢٠١٨ م، وصلي عليه بعد العصر من الغد بإمامة ختنه الأكبر العالم الحافظ عضد الدين النعمان/المحترم – حفظه الله ورعاه – في ساحة الجامعة الإسلامية بباراكوت بمحضر عدد كثير من العلماء والعوام، ودفن في مقبرة قريبة من داره، فرحمه الله تعالى رحمة واسعة، وجعل جنة الفردوس مثواه.
صفاته الخَلقية والخُلُقية:
كان الشيخ الباراكوتي رحمه الله تعالى من أحسن الناس خَلقا وخُلُقا، فكان أبيض اللون، حسن الوجه، مربوع القامة، واسع الجبين، كث اللحية، حسن الهيئة والملابس، وكان يلبس الثياب البيض في أكثر الأحيان، ولا يلبس غيرها إلا لعارض عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «البسوا البياض؛ فإنها أطهر وأطيب، وكفنوا فيها موتاكم»، رواه الترمذي في السنن والشمائل.
وكان سليم العقل، جيد الفهم، صحيح الرأي، حسن الأخلاق، طيب الخصائل، طلق الوجه، قليل الكلام، مهاب الرؤية، ربما كان يمازح مع الأصحاب والرفقاء، فكان من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، كما ورد في شمائل الرسول الكريم عليه الصلاة والتسليم.
وكان كثير التعطر، يتطيب كثيرا، وكانت تفوح منه رائحة الطيب. وكان يحب النظافة.
وكان نشيطا في العمل، مُجِدًّا في أداء المسؤوليات، عازما على صعاب الأمور ماضيا فيها، شجاعا جريئا، كان إذا عزم على أمر فعله ولا يعوقه عائق، ولا يمسه الكسل، ولا يدركه العجز.
وكان مع ذلك ظريف الطبع، تقيا نقيا، متبعا للسنة النبوية في جميع مجالات الحياة، بعيدا عن السمعة والرياء، ملتزما لأداء الصلوات مع الجماعة. فرحمه الله تعالى، ورفع درجاته في جنة الفردوس.
تلامذته وأصحابه الكبار:
قد تقدم أن الشيخ رحمه الله تعالى بعد التخرج من مدرسة رانافنج عام ١٩٥٢م اشتغل بالتدريس والتعليم، واستمر ذلك إلى ٢٠١١م، فزمان تدريسه يحتوي على خمسين عاما، وفي خلال هذه المدة الطويلة درّس في عدة مدارس وجامعات، وفي طوال هذه المدة تلقى منه العلوم والفنون عدد كثير من الطلاب والمتعلمين، وتخرج عليه جمع عظيم من العلماء والفضلاء، ممن يطول ذكرهم، فمنهم من ارتحلوا إلى جوار رحمة الله تعالى. ومن أشهر هؤلاء وأكبرهم:
١- الشيخ المحدث عبد الحنان، شيخ فاغلا.
٢- الشيخ الحافظ منظور أحمد السيدفوري، مدير مدرسة سيدفور سابقا.
٣- الشيخ الحازم عبد الباسط البركتفوري، أستاذ الحديث بالجامعة الحسينية بغوهرفور وبجامعة قاسم العلوم بدرغاه شاه جلال، والأمين العام للإدارة سابقا.
٤- الشيخ شفيق الحق الأمكوني، مؤسس الجامعة المحمودية بسبحانيغات ومديرها سابقا.
٥- الأستاذ شفيق الحق الحبيبفوري، أستاذ الحديث بجامعة قاسم العلوم بدرغاه شاه جلال سابقا.
٦- الأستاذ خليل الرحمن، أستاذ الحديث بجامعة درغاه سابقا.
رحمهم الله تعالى، وغيرهم من العلماء الكبار، والفضلاء الأعلام.
ومنهم أحياء، ومن أشهرهم وأجدرهم بالذكر:
١ – أستاذنا المكرم الشيخ العلامة محب الحق الغاسباری، المدير وشيخ الحديث بجامعة قاسم العلوم بدرغاه شاه جلال، سلهت. حفظه الله تعالى ومتعنا بطول حياته الطيبة.
٢ – الأستاذ المفتي جلال الدین، شيخ الحديث بجامعة مرادغنج .
٣ – الأستاذ المفتي مجیب الرحمن، شيخ الحديث بجامعة أَنْغُورا مُحَمَّدفُور.
٤ – الأستاذ الحافظ محسن أحمد، مدير الجامعة العباسية بكوريا إسلام آباد.
٥ – الأستاذ لقمان أحمد، أستاذ الحديث بجامعة تِيكَرْفَارا.
٦- الأستاذ عبد الجليل البَلُوْرامْفُوري بن الشيخ محمد علي البلورامفوري رحمه الله، المقيم ببريطانيا.
٧ – الأستاذ المفتي صالح أحمد سالك، أستاذ الحديث بجامعة أنغورا محمدفور.
٨ – الأستاذ المفتي عبد النور، أستاذ الحديث بجامعة درغاه.
٩ – الأستاذ عبد الغفار الغاغوی البريطاني.
حفظهم الله تعالى ورعاهم.
أولاده وأحفاده:
قد رزق الله تعالى الشيخ الباراكوتي خمسة بنين وثلاث بنات، أما البنون فكلهم علماء واثنان منهم حافظان للقرآن الكريم، وهم:
١ – العالم الحافظ شبير أحمد، الأستاذ بالجامعة الإسلامية بباراكوت، وهو أكبرهم.
٢ – العالم جابر أحمد.
٣ – العالم الحافظ عمار أحمد.
٤ – العالم بشار أحمد.
٥ – العالم أسرار أحمد.
وكلهم متزوجون وأصحاب أولاد، سوى الأخير، بارك الله تعالى في علومهم وحياتهم ورعاهم.
وأما البنات فكبراها زوج العالم الحافظ عضد الدين النعمان بن الشيخ فخر الدين الغَلْمُوكَافَنِي رحمه الله تعالى، قاطن بريطانيا الذي سبق ذكره.
وثانيتها زوج العالم المحدث مجيب الرحمن السَّاتَكي، شيخ الحديث بجامعة نَيَاسَرَك ببلدة سهلت. حفظه الله تعالى ومتع طلاب العلم بعلومه ودروسه.
صلتي بالشيخ الباراكوتي رحمه الله تعالى:
إني لست من تلامذة الشيخ الباراكوتي رحمه الله تعالى، فهو لم يكن أستاذي بالمباشرة، لكن هو أستاذ أستاذي؛ فإنه أستاذ لأستاذي الجليل، الشيخ محب الحق الغاسباري – حفظه الله ورعاه -، ومع ذاك كان لي به صلة قوية، وكان رحمه الله تعالى يحبني كثيرا، وكان بداية ذلك حينما كان أمينا على قسم الامتحان للإدارة، وكان صديقي الكريم الأستاذ عبد الغفار الغاغوي مساعدا له (ساكن بريطانيا حاليا)، وكنت إذ ذاك مدرسا بالجامعة المدنية بأنغورا محمدفور، فكان الشيخ الباراكوتي رحمه الله تعالى يدعوني للمساعدة في أمور الامتحانات وكتابة أسئلتها بخط جيد، وقويت صلتي به حين وُلِّيتُ مسؤولية قسم التصنيف والنشر عام ١٩٩٨م، وكنت مع ذلك عضوا للهيئة التنفيذية، والهيئة الاستشارية، وعضوا لهيئة الامتحان للإدارة، فأتيح لي فرصة الحضور في مجالس هذه الهيئات واجتماعاتها، فكان لقائي واجتماعي به كثيرا، وصلتي وارتباطي به قويا، وحبه إياي شديدا، وبعد ارتحالي إلى بريطانيا لما كان الشيخ الباراكوتي يسافر إليها كنت ألاقيه أنا وصديقي الأستاذ عبد الغفار حفظه الله ونجالسه ونكالمه ونتحدث معه، وكنا نتمتع بصحبته المباركة، ونستفيد بكلامه الثمين. فلله الحمد والشكر على ذلك كثيرا كثيرا.
جزاه الله عنا وعن سائر من تمتع به واستفاد منه، وجعل روحه في أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما.
رتبت هذه الترجمة المباركة الحافلة، بطلب الأخ الصالح الحبيب، الحافظ الأستاذ شبير أحمد ابن الشيخ الباراكوتي، رحمه الله تعالى. فلله الحمد في الأولى والآخرة، وبنعمته تتم الصالحات.